التحوّلات السياسية الكبرى في عكار (1943 – 1952)

محتوى المقالة الرئيسي

الدكتور خالد عمر محمد حمود

الملخص

الملخص.


          تبعاً للتحوّلات السياسية الكبرى في عكار خلال مراحل الحرب العالمية الثانية، وما لحقها من أحداث سياسية إبان إعلان الإستقلال اللبناني، كل ذلك رسم ملامح مستقبل عكار السياسي، وتمثيل العكاريين حيث بقي حكراً على كبار الملاكين العقاريين والمتنفذين.


          فخلال الفترة الممتدة بين عام 1925 – المجلس التمثيلي الأول – وعام 1943. ظل التمثيل البرلماني مقتصراً على أفراد من عائلة المرعبي دون سواها. وبعد تلك الفترة أصبح هناك تنافس على الزعامة بين الأسر الحاكمة بالتزامن مع ظهور دور الأحزاب السياسية والصراع الطبقي، وبالرغم من ذلك كان لعكار دورٌ بارز في الدفاع عن الإستقلال والقضايا العربية.


          ولما طرحت فكرة عقد معاهدة فرنسية – لبنانية عام 1936، تداعت القوى السياسية الوحدوية الإسلامية والمسيحية، وعقدت مؤتمراً مهماً عرف باسم "مؤتمر الساحل" تباينت الآراء حول المطالب المطروحة على المفوض السامي الفرنسي، فبعض أعضاء المؤتمر طالب بالوحدة السورية، والبعض الآخر طالب بالإستقلال وعدم تخويف المسيحيين من الوحدة. واعتبر المؤتمر بأنه آخر مؤتمر وحدوي يطالب بالوحدة مع سوريا، لأن المطالب السياسية للمسلمين خاصة، بدأت تتحوّل تباعاً نحو الإعتراف بالكيان اللبناني، شرط إقامة العدالة والمساواة بين اللبنانيين. غير أن الفكر الطائفي كان أشد تأثيراً من الفكر الوطني، ولهذا فإن عام 1943 شهد أزمة حادة في علاقات المسلمين مع الدولة اللبنانية التي ما انفكت تتبع أسلوب التمييز بين اللبنانيين. فقد أصدر رئيس الدولة أيوب ثابت المرسومين (49) و (50) وقد تضمّنا إجحافاً بالمسلمين من جرّاء عدم المساواة، وجعل عدد النواب المسيحيين أكثر من عدد النواب المسلمين. وقد أثار هذا الحادث تدخّلاً عربياً ودولياً لحل الأزمة الناجمة عن إصدار هذين المرسومين.


          وكانت الأمور تسير في لبنان من تسوية سياسية إلى تسوية أخرى، إلى أن كانت التسوية الكبرى في عام 1943 في الإتفاق على ما عرف باسم "الميثاق الوطني"، وتضمنت هذه التسوية عدم مطالبة المسلمين بالوحدة السورية والعربية في مقابل عدم مطالبة المسيحيين بالحماية الأجنبية. ولم تكن هذه التسوية محلية لبنانية فحسب، بل كانت لها جوانب عربية وأجنبية، فمن الثابت أنه كان لسوريا ومصر والسعودية والعراق وبريطانيا وفرنسا مواقف للتوصل إلى هذه الصيغة، التي أثبتت السنوات أنها غير قادرة على الإستمرار طويلاً بفعل الممارسات واستغلال الحكم كأداة لتنفيذ مآرب وغايات طائفية ومنفعية.


          وفي عهد الإستقلال، شارك لبنان في مشاورات الوحدة العربية وتأسيس جامعة الدول العربية منذ عام 1944، وفي إبداء رأيه في المشروعات الوحدوية التي طرحت في المحافل العربية والدولية. وكان لتخوف لبنان المستمر من الصيغ الوحدوية أثر بارز على سياسة جامعة الدول العربية وعلى أنظمتها الداخلية. ولما برزت مشروعات سوريا الكبرى في الفترة الممتدة بين 1946 – 1947، رفضها لبنان لأسباب تتعلق بسياسته الداخلية والعربية والدولية، وبسبب التيارات السياسية المحلية.


          والحقيقة فإن التناقضات السياسية، والتباين بين اللبنانيين بات واضحاً في مختلف المجالات، منها موقف لبنان من سياسة الأحلاف مع الدول الأجنبية، وسياسة المعاهدات مع الدول العربية بين أعوام 1948 – 1949، علماً أن الإنقلابات العسكرية السورية، كان لها أثر واضح على السياسة في لبنان، وعلى العلاقات السورية – اللبنانية في الفترة الممتدة بين أعوام 1949 – 1950.


          والأمر اللافت للنظر، أن عهد الإستقلال الأول (1943 – 1952) لم يوطد دعائم حكمه على أسس متينة، بل استمرّت التيارات الطائفية والسياسية تعصف به من حدث إلى حدث. وكان للتدخلات الدولية، وللسياسة العربية، وللتطورات المحلية، أثر واضح ومهم على تطور الأحداث الداخلية، الأمر الذي أدّى إلى تغييرات أساسية في أداة الحكم، كان في مقدمتها اضطرار رئيس الجمهورية آنذاك الشيخ بشارة الخوري إلى الإستقالة والتنازل عن الحكم في أيلول من عام 1952. غير أن هذا التغيير في أداة الحكم، لم يؤدِّ إلى تغيّر أساسي في بنية الحكم اللبناني، بل بقيت السياسة اللبنانية بين (1952 – 1958) في عهد الرئيس كميل شمعون وما بعدها من عهود على ما هي عليه من اتجاهات سياسية وطائفية.

المقاييس

يتم تحميل المقاييس...

تفاصيل المقالة

كيفية الاقتباس
الدكتور خالد عمر محمد حمود. (2024). التحوّلات السياسية الكبرى في عكار (1943 – 1952). المجلة العربية للعلوم الإنسانية والاجتماعية, (26). https://doi.org/10.59735/arabjhs.vi26.496
القسم
الأبحاث
​<span id="__caret">_</span><br data-mce-bogus="1"> ​<span id="__caret">_</span><br data-mce-bogus="1">