أثر ابن إسحاق في التفسير

الملخص

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد وحجّته البالغة على الناس أجمعين، ختم الله به الكتب السماوية وأنزله هدايةً ورحمةً للعالمين، وضمّنه منهاجًا كاملًا وشريعةً تامّةً لحياة المسلمين، والقرآن معجزةٌ باقيةٌ ما بقيَ على الأرض حياةٌ وأحياء، أيّد الله به رسوله الكريم محمد      صلى الله عليه وسلم وتحدّى الإنسَ والجنَّ أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورةٍ واحدة، ولا شكّ أن قراءة القرآن الكريم وتعلّمه وحفظه لها أجر عظيم فكيف إذا اقترنت هذه القراءة بالفهم والاستنباط والتفسير والدراسة.

ومن هنا ومن هذا المنطلق اجتهد علماء الإسلام قديمًا وحديثًا في خدمة هذا الكتاب، ومن أهم مظاهر اهتمامهم كثرة مؤلّفاتهم حوله، فألّفوا في تفسيره، وقراءاته، ومعانيه، وغريبه وإعرابها وغيرها.

وإنّ الاشتغال بالعلوم الشرعية من أجلّ القربات، وإنّ على رأس هذه العلوم ما يتعلّق بكتاب الله عزّ وجل وتفسيره، وفي هذا البحث تناولت أثر أحد علماء هذه الأمة الإسلامية في التفسير، وهو العالم محمد بن إسحاق رحمه الله، والذي كان واسع الثقافة، لامعًا في التفسير والحديث النبوي الشريف والسّير والتاريخ، وقد دفعني إلى الحديث عن أثره في التفسير أمورٌ عدّة، هي:

ما وقفتُ عليه من لفتات تفسيرية في ثنايا تفسيره، فقد احتوى مادّة تفسيرية لا يُستهان بها، إضافةً إلى أنّ ابن إسحاق رجلٌ متقدّم الوفاة، فقد كان قرينًا لمالك بن أنس رحمه الله تعالى، والحاجة ماسّة إلى بيان جهوده في خدمة كتاب الله عزّ وجل.

إضافة إلى ذلك كلّه فقد نصّ بعض الباحثين على وجود تفسيرات لابن إسحاق وأشادوا بها، ومن ذلك قول الشيخ محمد علي السايس ورفاقه في كتاب تاريخ الفقه: "وقد اشتهر من بين التفاسير التي عرفت وقت ذاك تفسير ابن جريج، وتفسير السدي، ومحمد بن إسحاق، وسواها".[1] ولهذا توجّهت النية نحو دراسة أثر ابن إسحاق في تفسيره، والله الموفّق.

[1]  السايس، محمد علي، تاريخ الفقه الإسلامي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1432ه، ص: 87.